بقلم د. ياسر الأمير فاروق - المحامي بالنقض
انحسار التجريم عن إصدار شيكات الضمان " مستخرج من كتاب الشيك المتأخر التاريخ لكاتب المقال "

ولهذا تمسح بعض المتعاملين في الشيك لما له من حمايه جنائية وحولوه من أداة وفاء الي أداة ضمان، فظهر ما يسمى بشيك الضمان وبمقضاه يقبل المستفيد شيكاً يعلم أنه ليس له مقابل وفاء وذلك بغية ضمان دين له في ذمة الساحب مع رد الشيك بعد ذلك إلي ساحبه اذا قام بالوفاء بدينه أو تقديم الساحب للمحاكمة الجنائية إذ لم يف به.
ويتضح من ذلك أن المستفيد لا يهدف من هذا الشيك سوي الاحتفاظ به كضمان لدينه ويستغله كوسيلة تهديد للضغط بها علي الساحب للوصول الي مبتغاه. وقد اثير التساؤل عندئذ حول ما إذا كان الساحب يعاقب علي إصدار شيك ضمان مادام انه لا يقابله رصيد؟
اختلفت المحاكم الفرنسية في هذا الشأن ويبين أن وجه الخلاف كان ينصرف إلي بطلان شيك الضمان من عدمه؛ فمن راي بطلانه نفي الجريمة ومن راي صحته اقر الجريمة. ونعتقد أن الإجابة علي هذا التساؤل ليس لها علاقة فحسب ببطلان الشيك وإنما تنصرف كذلك الي مدي توافر أركان جريمة إصدار شيك بدون رصيد في شيكات الضمان، لا سيما فعل الإصدار المتمثل في أنصراف أراده الساحب الي التخلي عن حيازة الشيك نهائياً للمستفييد وطرحه للتداول.
ولهذا فإنه إذا ناول الساحب الشيك الذي لايقابله رصيد الي المستفيد علي سبيل الوديعة كما هو الحال في شيك الضمان فإن الساحب لا يرتكب بذلك الجريمة لأن المستفيد بحسبانه مودع لديه يحوز الشيك لحساب الساحب فهو بذلك لم يخرج عن حيازته ( د.ياسر الامير فاروق - الشيك المتأخر التاريخ في ضوء الفقه والقضاء - 2009 - ص72 ) وقضاء النقض كان قد اطرد - قبل صدور قانون التجاره الجديد - علي انه لا عبره بالأسباب التي حدت بالساحب الي إصدار الشيك فلا يقبل منه دفع مسؤليته الجنائيه بقاله انه اراد بإصدار الشيك أن يكون ضمان لدين عليه لصالح المستفيد. ومع ذلك فقد عثرنا علي قضاء فريد لمحكمه النقض أيدت فيه حكما صدر بالبراءة جاء به أنه " لما كان الثابت من أقوال الشهود أن الشيكات قد سلمها المتهم طه للمدعي المدني نهاد علي سبيل الوديعة كضمان لسداد ثمن الاطيان المبيعه في موعد أقصاه سته اشهر وبذا فان تسليم الشيكات من المتهم للمدعي المدني لم يكن علي وجه تخلي فيه المتهم الساحب نهائيا عما سلمه للمستفيد المدعي المدنى ومن ثم فإن الركن المادي لجريمة إصدار شيك بدون رصيد يكون غير متوافر " (نقض 1998 /12/ 27 مجموعة أحكام النقض س 49 رقم 217 ص 1527 ) وبصدور قانون التجارة الجديد جرم المشرع شيكات الضمان في المادة 535 إذ عاقب المستفيد الذي يقبل شيك يعلم أنه ليس له مقابل وفاء بغيه القضاء علي ظاهرة شيكات الضمان وبالتالي انحسرت الحمايه الجنائيه عن إصدار شيكات الضمان. الا أن محكمةالنقض عادت في حكم حديث لها الي سيرتها الأولي واعتبرت أن دفاع المتهم بأن الشيك الذي أصدره كان لضمان دين سداد الاجره لصالح المستفيد لا أثر له في نفي المسؤلية الجنائيه(نقض 7 / 3 /2014 الطعن رقم 14451لسنه 56 ق) وهو قضاء لاحياء ماض درس كنا نأمل من محكمة النقض أن تهجره بعد أن تبدلت الأوضاع وتغيرت واضحي شيك الضمان مجرم إذ لا يستقيم أن ترد المشروعيه والتأثيم علي ذات المحل (شيك الضمان ) في وقت واحد.فضلا عن أن قبول المستفيد شيك يعلم أنه لايقابله رصيد يعني أن هذا الشيك اضحي متحصل من جريمه خاصه وهذا بمفرده كاف لهدم جريمة اصدار شيك بدون رصيد إذ من الثوابت أنه متي كان الشيك متحصل من جريمه كسرقه أو نصب أو تبديد أو اي جريمه اخري انحسر تجريم إصداره. والنتيجة العمليه المترتبة علي حكم النقض الحديث أن تصد المحاكم نفسها عن تحقيق وبحث دفاع المتهم وتتفش العبارة الشائعه بأن الشيك شيك وأما السداد واما الحبس رغم فساد هذه العبارة وعدم قانونيتها بشأن شيكات الضمان.
تعليقات
إرسال تعليق