جريمة السير عكس الإتجاه
هل جريمة السير عكس الاتجاه تجيز لرجل الضبط القضائي تفتيش المتهم ذاتيا؟ أو هل من الصواب تقريرأنه متى جاز القبض صح التفتيش؟ " تعليق علي حكم النقض "
بقلم د/ ياسر الأمير فاروق - المحامي بالنقض
يستقر قضاء النقض منذ زمن علي أنه متي جاز القبض صح التفتيش بغض النظر عن سبب القبض أو الغرض منه ويؤيد معظم الفقهاء قضاء النقض بلا تحفظ ويورده مورد التطبيق السليم للقانون بحجه عموم نص المادة ٤٦إجراءات التي اجازت لمامور الضبط القضائي في الاحوال التي يجوز فيها القبض تفتيش المتهم. ولهذا قضت محكمة النقض في حكم حديث لها بان جريمة السير عكس الاتجاه تجيز لرجل الضبط القضائي القبض على المتهم لأن القانون ربط لها عقوبه الحبس ومن المقرر أنه متي جاز القبض صح التفتيش طبقا للمادة 46 إجراءات. وجاء بهذا الحكم انه "لما كانت المادة 34 من قانون الإجراءات الجنائية قد أجازت لرجل الضبط القضائي القبض على المتهم في أحوال التلبس بالجنح بصفة عامة إذا كان القانون يعاقب عليها بالحبس مدة تزيد على ثلاثة أشهر ، والعبرة في تقدير العقوبة بما يرد النص عليها في القانون لا بما ينطق به القاضي في الحكم ، وإذ كانت جريمة السير عكس الاتجاه والتي قارفها الطاعن – ولم ينازع في ذلك بأسباب طعنه – قد ربط لها القانون عقوبة الحبس وبغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تزيد على ثلاثة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين وذلك إعمالاً لنص المادة 76 مكرراً من القانون رقم 66 لسنة 1973 بإصدار قانون المرور المضافة بالقانون رقم 121 لسنة 2008 ، فإنه يسوغ لرجل الضبط القبض على المتهم فيها ، ولما كان قانون الإجراءات الجنائية قد نص بصفة عامة في المادة 46 منه على أنه في الأحوال التي يجوز فيها القبض على المتهم يجوز لمأمور الضبط القضائي أن يفتشه اعتباراً بأنه كلما كان القبض صحيحاً كان التفتيش الذي يجريه من خول إجرائه على المقبوض عليه صحيحاً أياً كان سبب القبض أو الغرض منه وذلك لعموم الصيغة التي ورد بها النص ، فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى صحة إجراءات القبض والتفتيش يكون قد أصاب صحيح القانون . (الطعن رقم 10137 لسنة 83 جلسة 2014/06/10)"
وهذا القضاء معيب إذ انطلق من مقدمة فاسده فليس صحيحا أن نص المادة 46 إجراءات لا يوجد في القانون ما يخصصه أو يقيده بل العكس صحيح لأن المادة 50 إجراءات فيما نصت عليه من عدم جوازالتفتيش إلا للبحث عن الاشياء الجاري جمع الاستدلال أو حصول التحقيق بشأنها تخصص عموم المادة 46 إجراءات وتحد من إطلاقه مما مفاده أنه متي كانت الجريمة محل القبض بحسب طبيعتها غير منتجه للدليل امتنع القبض وهذا هو حال جريمة السير عكس الاتجاه إذ لا أمل يرجي من أن تفتيش المتهم بارتكابها سوف يسفر عن دليل لإثباتها ضده .مما يوكد هذا النظر أن وكيل النائب العام أو قاض التحقيق لا يستطيع الأمر بالتفتيش إلا إذا توافرت قرائن علي وجود أشياء تفيد في كشف الحقيقة بشأن الجريمة مع المتهم(المادة 94 إجراءات) فإن انتفت تلك القرائن بطل التفتيش وإذا كان قاض التحقيق ذاته لا يملك الأمر بالتفتيش في جريمة السير عكس الاتجاه بحسبانها غير منتجه للدليل فكيف نخول لرجل الضبط القضائي سلطه تفوق سلطات قاضي التحقيق ؟ ثم أن التفتيش وفيه اعتداء علي حق الإنسان في السريه ليس اجراء عشوائيا وانما هو اجراء هادف غايته الدليل اساسه ولهذا إجازه المشرع. وزعم النقض أن المشرع يجيز التفتيش في جريمه السير عكس الاتجاه يرمي المشرع بالتناقض اذ كيف يجيز التفتيش دون توافر شرطه؟ ومن الثوابت انه يجب تنزيه المشرع عن التناقض. ولهذا نأمل من محكمة النقض أن تعاود النظر في حكمها محل التعليق والا تكتفي بقراءه نص المادتين 34 و46 إجراءات بمعزل عن بقيه نصوص القانون تحقيقا للتجانس ومنعا من التضارب وهو من بديهيات تاويل القانون.
تعليقات
إرسال تعليق