" قرنية القصر العيني " في نظر رجال القانون
تجميع الأستاذ/ محمد عبد السلام - المحامي بالإستئناف العالي

هل أخذ القرنية من المتوفى دون الرجوع لأهله تعد جريمة، أم لا؟
أختلف الفقهاء من رجال القانون في الرد على هذا السؤال، خاصة بعد حادث قرنية القصر العيني، فمنهم من ذهب إلى التجريم ومنهم من عاد إلى الإباحة.
(1) فيقول الدكتور/ طارق سرور على صفحته الشخصية على الفيس بوك بتاريخ 2018/8/2 ( https://www.facebook.com/tarek.happyness/posts/10155314806810728 )
" * حكم القانون في واقعة «قرنية القصر العيني». *
مستشفى القصر العيني لم ترتكب جريمة وأساس ذلك ما يلي:
أول قانون أباح استئصال القرنية كان القانون رقم ٢٧٤ لسنة ١٩٥٩ في شأن إنشاء بنوك للعيون ثم أعيد تنظيم هذه المسألة بموجب القانون رقم ١٠٣ لسنة ١٩٦٢ الذي نصت المادة ٢ منه على أن تحصل بنوك العيون التي تم إنشاؤها على العيون من المصادر الآتية:
(أ) عيون الأشخاص الذين يوصون بها أو يتبرعون بها.
(ب) عيون الأشخاص التي يتقرر استئصالها طبيا.
(ج) عيون الموتى أو قتلى الحوادث الذين تشرح جثثهم.
(د) عيون من ينفذ فيهم حكم الإعدام.
(هـ) عيون الموتى مجهولي الشخصية.
ثم تم تعديل هذه المادة بموجب القانون رقم ٧٩ لسنة ٢٠٠٣ الذي نص على أن تحصل بنوك العيون على قرنيات العيون من المصادر الآتية:
(أ) قرنيات عيون الأشخاص الذين يوافقون موافقةً كتابية على نقلها بعد وفاتهم بغير مقابل.
(ب) قرنيات عيون قتلى الحوادث الذين تأمر النيابة العامة بإجراء الصفة التشريحية لهم.
(ج) قرنيات عيون الموتى بالمستشفيات والمعاهد والمراكز المشار إليها في المادة الأولى الذين يجمع ثلاثة من الأطباء رؤساء الأقسام المعنية على نقلها وفقاً للإجراءات التي تحددها اللائحة التنفيذية.
وينص القانون علي أنه يتعين أن تتم هذه العلميات بمعرفة الأطباء المرخص لهم في ذلك وإلا يكون الطبيب مسؤلا جنائيا
* وأخيراً صدر القانون رقم ٥ لسنة ٢٠١٠ بشأن تنظيم زرع الأعضاء البشرية ونصت المادة ٢٦ منه على أنه: «يلغى كل حكم آخر يخالف أحكام هذا القانون فيما عدا الأحكام الخاصة بالقانونين رقمي ١٧٨ لسنة ١٩٦٠ بشأن تنظيم عمليات جمع وتخزين وتوزيع الدم ومركباته و١٠٣ لسنة ١٩٦٢ في شأن إعادة تنظيم بنوك العيون، والتي تظل سارية المفعول».
وهو الأمر الذي يعني أن قانون ١٠٣ لسنة ١٩٦٢ والذي يبيح استئصال القرنية وفقا لإحدى الحالات المبينة بالنص مازال ساريا وفقا لصريح نص المادة ٢٦ من قانون تنظيم زرع الأعضاء البشرية.
ونقترح إما إلغاء ما تنص عليه المادة ٢٦ من قانون ٢٠١٠ فيما يخص قانون ١٩٦٢ أو إلغاء الفقرة (ج) من قانون ١٩٦٢ التي تبيح استئصال العيون لمجرد وفاة الشخص في إحدى المستشفيات المرخص لها بإنشاء هذه البنوك أو النص صراحة على أحقية المريض في رفض استئصال القرنية إذا ما توفى بالمستشفى أو أحقية أهله في الاعتراض بعد وفاته.
وأقترح في جميع الأحوال إلغاء قانون ١٩٦٢ وإضافة الاحكام الخاصة بالقرنية في قانون ٢٠١٠ ولائحته بدلا من تعدد التشريعات المتعلقة بمسألة استئصال وزرع الأعضاء.
**** وأود أن أشير في النهاية إلى أنه لا مصلحة لي في الدفاع عن أحد ممن أجرى عملية القرنية وقد يكون مسئولا إذا لم يكن مرخصاً له بإجراء عمليات استئصال الأعضاء البشرية وفقا للقانون أو أجرى للمريض العملية قبل ثبوت الوفاة..... وأنا شخصياً لو كنت مكان أهلية المريض لكنت فعلت أكثر مما فعلوا ولكن نحن في مقام توضيح المبادئ القانونية التي تتعلق بالموضوع ربما يتم تغيير وضع قانوني قائم أو اضافة ضوابط أخرى.
** وهناك من يزال يرى أن قانون زرع القرنية قد أُلغي أو أن نص المادة ٦١ من الدستور قد نسخه فأود أن أشير إلى الآتي :
(١) أنه من المقرر قانوناً أنه لا يجوز إلغاء نص تشريعي إلا بتشريع لاحق له أعلى منه أو مساوٍ له في مدارج التشريع ينص صراحة على هذا الإلغاء أو ضمنياً حينما يشتمل على نص يتعارض مع نص التشريع القديم أو يعيد تنظيم ذات الموضوع.
(٢) أن التعارض يكون عندما يرد النصان على محل واحد ويستحيل إعمالهما فيه معاً.
(٣) أن نص المادة ٢٦ من القانون رقم ٥ لسنة ٢٠١٠ بشأن تنظيم زراعة الأعضاء البشرية قد استثنى – بعبارة جلية واضحة لا تحتمل التفسير أو التأويل – القانون رقم ١٠٣ لسنة ١٩٦٢ من تطبيق القواعد العامة بشأن موافقة المتبرع الواردة في قانون ٢٠١٠.
(٤) أن المادة ٦١ من دستور ٢٠١٤ اقتصرت على وضع مبدأ "أحقية الانسان في التبرع بأعضاء جسده أثناء حياته أو بعد مماته..." ولم تنص صراحة على أن التبرع هو الآلية الوحيدة لنقل العضو.
(٥) أن المادة ٢٢٤ من دستور ٢٠١٤ واضحة الدلالة عندما نصت على أن "كل ما قررته القوانين واللوائح من أحكام قبل صدور الدستور، يبقى نافذاً، ولا يجوز تعديلها، ولا إلغاؤها إلا وفقاً للقواعد، والإجراءات المقررة في الدستور. وتلتزم الدولة بإصدار القوانين المنفذة لأحكام هذا الدستور".
وشكراً ".
(2) بينما ذهب الدكتور/ ياسر الأمير فاروق على صفتح الشخصية أيضاً بتاريخ 2018/8/4 ( https://www.facebook.com/yasserelamer.amer/posts/647763555624271 ) إلى القول:
" مدى مشروعية تحصل بنك العيون على قرنية المتوفى دون رضاه قبل وفاته؛ ===================== أثارت هذه المسألة لغط بين الفقهاء بين مؤيد ومعارض إما المؤيدون فيستندون على احكام القانون رقم 10 لسنه 1962 الخاص ببنك العيون لاسيما الماده الثانية المعدلة بالقانون رقم 79 لسنه 2003 إذ بينت تلك المادة الحالات التي يجوز فيها للبنك الحصول على قرنية المتوفى ولم يتطلب هذه القانون موافقةالمتوفى قبل وفاته الا في حاله وحيده اما بقيه الحالات؛ وهي قرنية مصابي الحوادث التي تامر النيابه العامة بتشريح جثثهم؛ والموتي في إحدى المعاهدوبنوك العيون المرخص لها. ثم جاء القانون رقم 5 لسنه 2010 الخاص بنقل الأعضاء ونص على إلغاء كل حكم يتعارض مع أحكامه عدا احكام القانون رقم 10 لسنه 1962 الخاص ببنك العيون مما مفاده مشروعية نقل قرنية المتوفى دون رضاه قبل وفاته. أما المعارضين لنقل القرنيه فيستندون إلى أن قانون نقل الأعضاء رقم 5 لسنه 2010 حينما جرم نقل الأعضاء دون وصية أو إقرار موثق من المتوفى نسخ ضمنا القانون رقم 10 لسنه 1962 فضلا عن أن نص المادة الثانية من القانون الأخير يتعارض مع الماده 61 من الدستور التي جعلت لجسد المتوفى حرمة وحظرت نقل أي عضو من أعضاءه دون رضاه قبل وفاته. وان كان لي من رأي ابديه فإن الذي لا شك فيه أن نقل قرنية متوفي دون رضا الحر قبل وفاته إجراء تمجه النفس البشريه َتستنكفه الطبيعة البشرية إذ لجسد المتوفى حرمةلا يجوز العبث بها تحت أي ظرف ولا يصح نعت المشرع في المادة الثانيه من القانون رقم103 لسنه 1962 الخاص ببنك العيون انه يجيز هذا النقل دون رضا فهذا تأويل يرمي المشرع بالعبث بجثث المتوفين ولا يستقيم مع العقل حال ان المشرع منزه من العبث. ولهذا وجب استنفاد الجهد للوقوف على قصد المشرع الذي قد لا يتفق مع ظاهر النصوص. والرأي عندي أن مسألة نقل القرنية في المادة الثانيه من القانون رقم103 لسنه 1962 بشأن مصابي الحوادث المأمور بتشريح جثثهم دون رضا المتوفى مسكوت عنها إذ صرح المشرع بجواز الحصول على قرنية المتوفى في حالات عينهاولكنه سكت عما إذا كان يلزم رضا المتوفى حال حياته باقتطاع قرنيتة من عدمه. ولما كان اقتطاع القرنيةدون رضا المتوفى مخالفه لأصل عدم جواز المساس بجسد المتوفى لذا وجب القول بحظره الا بنص صريح يقرره ويفصح عن عدم لزوم الرضا لأن الأصل ليس بحاجه الى تقريره في كل مرة وإنما الخروج عليه هو ما يقتضي النص فإن سكت وجب الرجوع إلى الأصل لاسيما أن المشرع أن شاء أفصح وان لم يشأ سكت إذ يفسر السكوت عندئذ بمعنى الحظر. ويؤكد هذا النظر ان المذكرة الايضاحية للقانون المذكور صرحت بأنه لا يلزم رضا المتوفى وهذا اعتراف منها بأن المشرع سكت عن مسأله لزوم الرضا. ولا يصح الاستناد إلى المذكرة الايضاحية في هذا الشأن إذ هي تنفذ القانون ولا تضيف إليه احكام سكت عنها إذ ليس للمذكرة الايضاحية أن تتناول مسأله تعمد المشرع السكوت عنها. حقا أن المذكرة الايضاحية تعين الباحث في تأويل ما غمض من نصوص القانون ولكنها لا تضيف إليه حكم ولا تعطل آخر. ولا يعترض بأن المشرع في الفقره الأولى من المادة الثانية المذكور صرح بلزوم الرضا وسكت عن ذلك في الفقرة الثانيةالمتعلقة بمصابي الحوادث إذ هذا السكوت يحتمل التأويل وحمل السكوت على عدم لزوم الرضا يتضمن خروج عن اصل من جهة ورمي المشرع بالشذوذ من جهه أخرى ولهذا كان التأويل المتجه إلى المشروعية دون رضا لا يستقيم مع العقل ولا ترتضيه السجية السليمة . وهو ما يدعونا إلى تبني تأويل النص على نحو يحظر الحصول على قرينة المتوفى دون رضاه. ومادام أن مسأله الرضا الخاص بمصابي الحوادث مسكوت عنها في المادة الثانيه من القانون رقم103 لسنه 1962 لذا وجب تطبيق القواعد التي أتى بها القانون رقم 5 لسنه 2010 التي توجب لمشروعيه النقل وصيه أو إقرار موثق من المتوفي ولا يحول دون ذلك أن ينص القانون الأخير (رقم 5لسنه 2010) على بقاء احكام الأول(القانون رقم 10 لسنه 1962) لأن ما جاء به الأول من أحكام لا تجيز النقل دون رضا حسبما اوضحنا. وهذا رأينا الخاص ويحتمل الصواب والخطأ ولكن أظنه صحيح. وأخيرا فإن تأويل نص المادة الثانية من القانون رقم103 لسنه 1962 بأنه يجيز نقل قرنية المتوفى دون رضاه قبل وفاته يؤدي إلى عدم دستوريتها لتعارضها مع نص المادة 61 من الدستور التي حظرت هذا النقل الا برضا المتوفى في حين أن يجب دوما السعي نحو تأويل النص القانوني على على وجه يجيره من الوقوع في حماه المخالفة الدستورية. ولا يعترض بما قرره الدستور في المادة 224 من بقاء كافه النصوص القانونية الصادره قبل دستور 2014 نافذه إذ ذلك لا يعني تطهير هذه النصوص من الرقابة الدستورية والا كان تقرير تلك الرقابه عبثا وهو ما قضت به منذ زمن المحكمة العليا التي حلت محلها المحكمة الدستورية وثابرت الأخيره على ترديده وتطبيقه ".
ومازال باب الإجتهاد مفتوحاً،،،،،
تعليقات
إرسال تعليق