ترحيل اجازة عيد العمال الي يوم الخميس

تفتيش الأنثى في قضاء النقض دراسة نقدية

تفتيش الأنثى في قضاء النقض دراسة نقدية

بقلم د/ ياسر الأمير فاروق - المحامي بالنقض



ينطوي تفتيش الأشخاص علي انتهاك لحق الخصوصية، بل أنه في اغلب الأحوال يمس عوره للانسان؛ ولهذا كان التفتيش حين يمس عوره ينطوي علي جريمة هتك عرض. ولكن ازاء ترخيص القانون بالتفتيش يضحي مشروعاً فلا جريمة ولا عقوبة. وتقتضي حماية الآداب العامة أن يجري تفتيش الانثي بواسطة انثي من جنسها. ولهذا تنص المادة 2/46 من قانون الإجراءات الجنائية علي أنه إذا كان المتهم أنثي وجب أن يكون التفتيش بمعرفة أنثي يندبها لذلك مأمور الضبط القضائي.

وتري محكمه النقض أن نطاق تطبيق النص يقتصر علي ما إذا كان التفتيش يقتضي المساس بجزء من جسم المرأة يعد عورة؛ ومن ثم لا تثريب علي مأمور الضبط إذ أمسك بيد المتهمة وانتزع المخدر منها ( نقض 1980/6/1 مجموعة أحكام النقض س31 رقم11 ص58 ) أو علي جذب يدها المعقودتين علي صدرها والتقاط ما سقط منها مما كانت تضمه علي صدرها ( نقض 1972/5/21 مجموعة أحكام النقض س23 رقم169 ص759 ) أو مجرد التقاط لفافة كانت مستقرة فوق ساق المتهمة ( نقض 1983/22/2 مجموعة أحكام النقض س34 رقم49 ص257 ) أو كانت ظاهرة بين أصابع قدمها العارية ( نقض 1957/7/20 مجموعة أحكام النقض س8 رقم143 ص521 ) أو في حجرها ( نقض 1994/9/5 مجموعة أحكام النقض س45 رقم143 ص624 ).

وتري محكمه النقض كذلك أنه لا يلزم أن يصطحب رجل الضبط القضائي أنثي عند انتقاله لتفتيش أنثي لأن هذا الإلزام مقصور علي إجراء التفتيش ذاته في موضع يعد عورة وهو أمر لايمكن التنبوء به سلفا فلم يكن اصطحاب الاثني لازماً ( نقض 1997/9/10 مجموعة أحكام النقض س48 رقم907 ص1123 ).

وتري أيضاً محكمة النقض انه إذا ندب رجل الضبط القضائي أنثي للتفتيش فلا يلزم أن يثبت الندب كتابه ( نقض 1979/5/17 مجموعة أحكام النقض س30 رقم125 ص588 ). ويؤيد جمهور الفقه مذهب النقض بلا تحفظ بل يورده مورد التطبيق السليم للقانون لاتساقه مع حكمه النصي وهو صيانة عرض المرأة ولو كانت متهمة.

وقضاء النقض سالف الذكر غير سديد إذ ينطوي علي اجتهاد في موضع النص ويضع قيد عليه دون سند من خلال استدعاء حكمة النص وإهمال علته.

فحكمة نص المادة 2/46 إجراءات هو صيانة عرض المرأة ولو كانت متهمه أما علته فكون المتهم أنثي والحكم يدور مع علته لاحكمته، فحيثما توافرت العلة ثبت الحكم ولو تخلفت حكمته. ومن ثم وجب دوما تفتيش الانثي بواسطة انثي سواء اقتضي التفتيش المساس بعوره أم دون العوره. 
ومما يؤيد وجهه نظرنا أنه بوسع رجل الضبط القضائي دائما أن يتذرع بأن التفتيش لا يمس عورة المرأة والحقيقة عكس ذلك. ومن ثم فإن منطق النقض يفتح باب التحايل علي القانون وكان أولي بمحكمة النقض من باب سد الزرائع أن تبطل تفتيش الأنثى بمعرفة رجل الضبط القضائي دائما سواء مس التفتيش عورة من عدمه ما دام محل التفتيش أنثي.
والعجيب أن محكمة النقض رخصت لرجل الضبط القضائي بان لا يصطحب أنثي عند انتقاله لتفتيش الأنثى ووجه العجب أن الأصل في التفتيش يقتضي البحث في ملابس المتهم وما علق بجسمه مما يمس العورات أما خلوه من المساس بعوره فأمر نادر والنادر لاحكم له ومن ثم وجب اصطحاب أنثي عند الانتقال لتفتيش أنثي لأن المجري الطبيعي للتفتيش أن يمس العورات. ويحق لنا أن نتسائل عن الحل اذا انتقل رجل الضبط القضائي لتفتيش أنثي دون أن يصطحب أنثي واقتض التفتيش المساس بعوره المتهمة فماذا يفعل ؟

والأكثر من ذلك فإن ما قررته محكمة النقض من عدم لزوم ثبوت ندب الأنثى كتابتا يهدر ضمانه للمتهمة ويخل بحق الدفاع اذ يحول بين المتهمة عند المنازعة في ظروف التفتيش من إثبات دفعها مادام أن ندب من قامت بالتفتيش غير ثابت بالكتابة وبديهي أن رجل الضبط القضائي سوف يذكر بأنه غير متذكر الأنثى التي ندبها للتفتيش!!!!

والخلاصة أن محكمه النقض قلصت ضمانه تفتيش الأنثى لدرجة اهدارها بتأويل محل نظر لنص المادة 2/46 إجراءات.

تعليقات