ترحيل اجازة عيد العمال الي يوم الخميس

أفضل أسلوب للمرافعة " بين العلم والخطابة "

مرافعة المحامي بين الواقع والقانون والعلم والخطابه؛

بقلم د/ ياسر الأمير فاروق - المحامي بالنقض


كثيرا ما يتسال شباب المحامين وهم نواه المستقبل عن أسلوب المرافعة في الجنايات وهل يفضل اسلوب الخطابة والتركيز علي وقائع الدعوي واظهار ما بها من تناقضات وعدم معقوليه بطريقة ايحائية تجذب الجمهور وتلفت نظر القاض أم من الأفضل بيان حكم القانون في الواقعة بطريقه علميه منطقيه وهادئة بعيده عن الاستعراض المسرحي والشوا الجماهيري.
والإجابة علي هذا التساؤل ليس بالأمر الهين إذ لكل نظام مزاياه وعيوبه. فلقد نشأت المحاماة وشيمتها الخطابة وسحر الاشارة حتي قيل أنه في بعض عهود الدولة المصرية القديمة لم يكن تواجد محام رفقه المتهم للدفاع امرا مستحبا للاعتقاد أن ذلك من شانه أن يزيد القضايا غموضا بخطبهم كما أنه قد يجر القاض الي غض الطرف عن القانون و الحقيقة.

كما أنه ليس من وظيفة المحامي قراءه اوراق القضية واظهار ما به من تناقضات وعدم معقوليه فتلك وظيفه يستطيع أن ينهض بها صاحب الشأن نفسه أو اي شخص ولو كان غير محام. وانما مهمه المحامي بيان حكم القانون من حيث الوقائع سواء الثابته بالأوراق أو الحقيقيه الخافيه عنها بأسلوب متاني يجذب القاض ويخاطبه بلغه القانون التي يفهما وليس كلام العوام الذي يجهلها. وإذا كانت مهنه المحاماة مرت بزمن وكلاء الخصوم الذي كان الوكيل همه الأكبر فيها تبراءه ساحه موكله فإنها في العصر الحديث تطوره الي الدفاع عن القانون والشرعية توصلا لإثبات براءه موكله وإرساء سياده القانون. 

والواقع أن اسلوب الخطابه وسحر الاشاره لازم في الأنظمة القانونيه التي تأخذ بنظام المحلفين إذ هم من عوام الناس ويجب علي المحامي اقناعهم بأن موكله غير مذنب من خلال اللغه التي يفهموها ثم يتطرق بعد ذلك إلي حكم القانون. اما في النظم التي تنبذ نظام المحلفين فإن الخطابه والاشاره تضحي تزيدا ما لم تقترن ببيان مبادئ القانون وحكمة في الوقائع بطريقة مزجها بالقانون. فالقاض ليس كمبيوتر تعطي له الواقعه فيخرج لك حكم القانون!!بل هو في اشد الحاجة لمن يعاونه لتفهم القانون علي الواقعه وهي من اصعب المسال وادقها ويبرز فيها دور المحامي الناجح في الأخذ بيد القاض الي الطريق السليم ليبين سداد موقف موكله كما يؤمن به.

ولقد انعكس الخطابه والاشاره علي العديد من الزملاء فجنح الي التخصص في المرافعات الجنائيه ظننا انها لا تتطلب علم وبحث وانما فحسب مخاطبه وجدان القاض واقناعه بما يراه في صالح المتهم. ولهذا يكتفي بعضهم بقراءه اوراق القضيه دون غوص في اعماق وقائعها وبحث في القانون المفروض أن ينطبق عليها أو ينحسر عنها. بل ان البعض منهم يقنع بفكره عامه عن القضية وحينما يقف للمرافعه يصول ويجول مرددا عبارات محفوظه واقوال ماثوره وأحاديث وآيات قرآنيه قد لا تنطبق علي الواقعه. 

لذا فأنا انصح أبنائي وتلاميذي الا يصرف وقته وجهده في خطب واشارات وتلميحات أثناء المرافعه والا يعتمد بصفه اساسيه علي تناقض الادله ويصول ويجول حولها بل يجب أن يكون مركزا ويحاول استطلاع وجه نظر القانون حتي في تلك الادله مع افتراض صحتها وهل تشكل مثلا الجريمة المنسوبة للمتهم من عدمه ولابأس بعد ذلك أن يبين ما بها من عوار ودحضها من خلال اساليب المنطق وما تكشف عنه الأوراق فالمحاماه أساسا قانونا وعلما ثم بعد ذلك خطابه وحسن بيان.

تعليقات