ترحيل اجازة عيد العمال الي يوم الخميس

حقوق المحامي

للسادة المحامين؛ أعرف حقوقك!!!

ما هي حقوق المحامي؟ وهل للمحامي حصانة؟

أسئلة كثيراً ما تتردد في الأوساط القانونية وبين جموع المحامين، وإذا كان الجميع متفق على أن للمحامي حصانة، فإن الجميع يختلف حول حدود ونطاق هذه الحصانة.


ويبين لنا الدكتور/ ياسر الأمير فاروق - المحامي بالنقض في هذا المقال حقوق المحامي وحدود حصانته والإجراءات التي يمكن إتخاذها ضده في حالة إقترافه اجريمة أثناء أداء حق الدفاع.


فيقول الدكتور ياسر الأمير " الأصل هو الفصل بين سلطتي الإتهام والحكم بمعني أن من يتهم يحظر عليه الفصل في الدعوي موضوع الإتهام حتي لا يتأثر بالاتهام الذي سبق أن نسجه فيضحي غير محايد حال أن حياد القاضي شرط لازم لصحة المحاكمة المنصفة، وهو ما أكده الدستور في المادتين 94 و96.

غير أن المشرع خرج عن هذا الأصل بالنسبة للجرائم التي تقع في الجلسة وكذا بالنسبة للتشويش الحادث في اثنائها، فخول للمحكمة إقامة الدعوي في الحال والحكم علي المتهم بأربع وعشرين ساعة بالنسبة للتشويش وبعقوبة الحبس أو الغرامة بالنسبة للجنح والمخالفات، وذلك ما لم تكن جريمة الجلسة جناية إذ لا تملك المحكمة تحريك الدعوي والحكم فيها وانما تأمر بالقبض علي المتهم وتحرر مذكرة بالواقعة وتحيلها للنيابة العامة صاحبة الاختصاص الأصيل في التحقيق والاتهام ( المادتين 243 و244 إجراءات جنائية ).

ولقد قيل في تبرير سلطة المحكمة بصدد جرائم الجلسات أن حدوث تشويش أو جريمة في حضرة المحكمة ومنع المحكمة من القبض علي المتهم ومحاكمته فوراً، ينال من مكانة القضاء وما له من هيبة واحترام في نفوس جمهور الحاضرين بالجلسة وهو أمر لم يجد المشرع مفر من تقريره علي غضاضة من نفسه رغم ما فيه من إخلال بحياد القاضي ومبادئ المحاكمة المنصفة.

وأياً ما كان وجه الرأي في صواب نظر المشرع سالف الذكر فإن المشرع لاحظ من ناحية أخري أنه من المتصور ان يقع التشويش أو الجريمة من محام بمناسبة أداء واجبه في الدفاع بالجلسة وان تخويل المحكمة سلطة القبض علي المحامي وحبسه ومحاكمته يجعل موقفه بالغ الحرج أمام المتهم وجمهور الحاضرين؛ اذ بدل من اخلاءه سبيل المتهم شرف بجانبه في السجن!!

ولا يعقل أن يأمن محام في أداء واجب الدفاع وهو مهدد بالقبض والمحاكمة في الحال عن تشويش أو جريمة انجرف اليهما في غمره الدفاع عن الحق ونصره المكلوب.

ولهذا نص المشرع في المادة 245 إجراءات علي انه استثناء من أحكام المواد السابقة ( والتي تجيز القبض علي من يرتكب في الجلسة جريمة أو تشويش يخل بالجلسة ) علي ما موداه انه إذا وقع من المحامي بمناسبه اداء واجبه في الجلسة تشويش أو جريمة بالجلسة فلا يجوز للمحكمة القبض عليه واقامه الدعوي ضده والحكم عليه وانما تحيله الي النيابة العامة إذ كان ما وقع منه جريمة والي رئيس المحكمة إذ كان ما وقع منه مخالفه تأديبية. والإحالة تكون بمذكرة مكتوبة دون المساس بحرية المحامي أو تقيدها. فإن خالفت المحكمة هذا الحظر والقت القبض علي المحامي أو تحفظت عليه أو حاكمته فإن الإجراءات تكون باطلة بطلاناً مطلقاً بل جاز مخاصمتها لارتكابها خطأ مهني جسيم. 

وليس في الفقه في هذا الشأن خلاف وتسير عليه احكام النقض باطراد. ويطلق علي المادة 245 إجراءات انها تقرر حصانه للمحام داخل الجلسة - ولقد اقر قانون المحاماة هذه الحصانة في المادتين 49 فقره ثانياً و50 بتفصيل أوفي، وجاء دستور 2014 في المادة 198 ليرتقي بهذه الحصانة الي مصاف المبادئ الدستورية للاعلاء من قدرها ولتكون خط احمر أمام المشرع لا يجوز له تخطيه ".

ويضيف الدكتور ياسر الأمير فاروق " أنه كان ينظر الي المحامي حتي عهد قريب علي كونه مجرد وكيل للمتهم أو بالاحري الفم الناطق باسمه وبالتالي لم يكن للمحامي حقوق أو ضمانات ضد الإجراءات الجنائية الا تلك التي يكفلها الدستور والقانون للمتهم ذاته دون اكثر أو اقل. 

ولكن بدأت الأذهان تتفتح الي أن دور المحامي جد خطير فهو فوق حرصه علي تمثيل المتهم ونقل وجهه نظره وبلورتها في اطار قانوني فإن له دور آخر يتمثل في حماية حقوق الدفاع وإرساء منظومة العدالة وكفاله سيادة القانون بحسبانه مستقل وعالم في القانون واقدر الاشخاص في المجتمع المدني علي رقابة سلطات الدولة في تعاملها مع مواطنيها. 

واذا كان الدور الأول يقتضي تمتع المحامي بذات حقوق المتهم فإن الدور الآخر يتطلب تمتعه بضمانات خاصة تمكنه من إنفاذ حكم القانون وكفاله حقوق الدفاع دون حرج أو خوف من تلفيق التهم بحسبانه أحد أضلع منظومة العدالة . 

ولهذا حرص دستور ٢٠١٤ في المادة ١٩٨علي النص بان " المحاماة مهنه حره تشارك السلطة القضائيه في تحقيق العدالة وسيادة القانون وكفالة حقوق الدفاع كما ابان النص الدستوري تمتع المحامون اثناء تاديه حق الدفاع امام المحاكم وسلطتي التحقيق والاستدلال بالضمانات المقرره لهم قانونا.وحظر النص الدستوري في غير حاله التلبس القبض على المحامي أو حجزه أثناء مباشرته حق الدفاع وذلك كله علي النحو الذي يحدده القانون. "

ومقتضى النص الدستوري أن المشرع احاط المحامي بضمانات ضد الاجراءات الجنائيه إذ ما ارتكب نوعين من الجرائم الاولي "الجرائم التي تقع أثناء أداءه حق الدفاع" والنوع الآخر "الجرائم التي تقع ابان مباشرة حق الدفاع". واحال بشأن النوع الاول الي القانون وبين حكم النوع الثاني. ويحسن في عجاله ايضاح الفرق بين النوعين من الجرائم. 

اما جرائم اداء حق الدفاع فيقصد بها الجرائم التي تقع من المحامي أمام المحكمة(راجع المواد 245 إجراءات و49 من قانون المحاماة) او النيابه العامة أو الشرطة حال قيامه بعمله المتمثل في ابداء الطلبات أو الدفاع وما يستلزمه ذلك من التمسك بالشرعية وارساء سيادة القانون. ومقتض هذه الحصانة عدم جواز القبض علي المحامي أو حجزه أو حبسه وانما فحسب تحرير مذكره وارسالها الي جهات الاختصاص بحسب ما إذا كان ما وقع منه تشويش أو جريمة.وتمتد هذه الحصانه الي أحوال التلبس بالجريمة لأن الفرض فيها مشاهده المحامي حال ارتكابها من الجهات المار ذكرها لحصولها في حضرتها . ومن أمثلتها جريمة اهانه المحكمة بسبب رفضها اثبات دفاع المحامي في محضر الجلسه أو احراز المحامي قطعه حشيش صغيره الحجم في مكان ظاهر في جيبه اثناء استجوابه للضابط لاختبار قوه ابصاره وملاحظته للتشكيك في الرواية المذكوره في محضر الضبط من رؤيته للمخدر في جيب المتهم حال استيقافه .أو سب وقذف عضو نيابة رفض السماح للمحامي بالاطلاع علي التحقيق قبل استجواب موكله المتهم. أو التعدي علي ضابط شرطة رفض تحرير محضر للمحامي عن اصابه موكله وطرده من القسم. 

واما "جرائم مباشرة حق الدفاع" فيقصد بها الجرائم التي تقع بسبب أو بمناسبة حق الدفاع ويتحقق ذلك في حالتين الاولي:ان تكون هناك صله بين الجريمة وحق الدفاع مهما كان زمانها أو مكانها أو مداها والحاله الثانيه :كون حق الدفاع قد ساعد علي وقوع الجريمة أو كون المحامي لم يكن ليفكر في الجريمة أو يرتكبها لولا حق الدفاع. ومن امثله هذه الجرائم مساهمة احد المحامين في تزوير عقد لصالح موكله لاستخدامه في دعوي مدنيه.أواستعماله مخلصة يعلم بتزويرها بتقديها الي المحكمة أو النيابة العامة. ففي هذه الجرائم لا يجوز القبض علي المحامي وحبسه ما لم تكن الجريمة متلبسا بها. وهذا وجه فرق بين جرائم اداء حق الدفاع وجرائم مباشرة حق الدفاع. 

وعلي الرغم من أن الدستور لم يذكر سوي حظر القبض والحجز بشان جرائم مباشرة حق الدفاع الا أننا نعتقد امتداد الحصانة الي كافه إجراءات التحقيق التي تتخذ ضد المحامي كتفتيش مسكنه أو مكتبه أو رقابه محادثاته لاتحاد العله وهي خشية التلفيق بسبب مباشرة حق الدفاع وامكان المحامي تحقيق موجبات العداله وارساء دعائم القانون دون حرج أو خوف من تدخل السلطة التنفيذية. وهي سياسة دستورية رشيده تنم عن فهم كامل ورائع لطبيعه عمل المحامي. ويجب علي سائر سلطات الدوله تطبيق النص الدستوري دون حاجه الي اصدار قانون باعتباره من النصوص صالحه التطبيق المباشر دون تربص صدور قانون أدني ". 



ويضيف الأمير فاروق " أنه قد أثير تساؤول منذ زمن عن حق المتهم في الاستعانة بمحام في مرحله جمع الاستدلال التي تباشرها الشرطه وقضت محكمة النقض في حكم قديم لها سنه ١٩٦٢ بأن دفع المتهم ببطلان إقراره في محضر الضبط لان محاميه منع من قبل الضابط أثناء تحرير محضر الاستدلال لا يستند إلي القانون.وهو ما انتقده الفقه في حينه لكون مرحله الاستدلال جزء من مرحله التحقيق بالمعني الواسع وقد سمح قانون الإجراءات الجنائية في المادة ٧٧منه على حق المتهم في الاستعانة بمحام في مرحله التحقيق الابتدائي رغم ما بها من ضمانات فاولي ان يثبت ذات الحق للمتهم في مرحله الاستدلال حيث تختفي الضمانات.

وقطعا لدابر الخلاف نص قانون المحاماة رقم١٧لسنه ١٩٨٣ في المادة٥٢منه على حق المحامي في الحضور في تحقيقات الشرطة ورتب البطلان علي مخالفته.وهو ما ايدته تعليمات النائب العام. وجاءت المحكمة الدستورية العليا في عام ١٩٩٢لتقر هذا الحق وتفصح عن علته وتبين سنده فقاله ان حضور المحامي مع المتهم المحتجز في مرحله الاستدلال يكون رادعا لرجال السلطه العامة كلما سولت لهم انفسهم انتزاع اعتراف من المتهم من خلال تعذيبه وان هذا الحق يجد سنده في الدستور ذاته الذي كفل حق الدفاع اصاله أو وكاله بصفه مطلقه في كافه مراحل الدعوي الجنائيه وما قبلها قبل أن ينشأ الإتهام .وبهذا أضحي حق المتهم في الاستعانة بمحام في مرحله جمع الاستدلال التي تباشرها الشرطه له غطاء قانوني ودستوري ولم يعد محل شك أو خلاف كما كان في الأيام الماضية واضحي حكم النقض عام ١٩٦٢ تاريخ يروي.

ولا يصح أن يقال في ذلك أن قانون المحاماة خاص بتنظيم مهنه المحاماة ولا شأن له بالإجراءات الجنائية، ولا أن حضور المحامي يؤثر على سير تحقيقات الشرطه ويعرقل عمليه البحث عن الادله والكشف عن الحقيقة ويحمل المواطنين أعباء مالية كبيرة!!

فهذا القول مردود عليه بأن حق المتهم في الاستعانة بمحام في مرحله جمع الاستدلال ثابت بالقانون والدستور، والمتهم حر في أمواله ينفقها على محام أو غيره. ومادام مأمور الضبط يحترم القانون فلا يخش حضور المحامي فهو شريك له في منظومة العداله بنص الدستور وقد يساعده. ثم ان قانون المحاماة من القوانيين النافذة في الدولة ومأمور الضبط اقسم علي إحترام القانون بصفه عامه مجردة.

تعليقات